{يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)}فيه ثلاث مسائل: الأولى قوله تعالى: {يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ} وصى ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر، وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع. ولقد أحسن من قال:وابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيمفي أبيات تقدم في البقرة ذكرها.الثانية: قوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ} يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر، فهو إشعار بأن المغير يؤذى أحيانا، وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله، وأما على اللزوم فلا، وقد مضى الكلام في هذا مستوفى في آل عمران والمائدة.وقيل: أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها، وألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل، وهذا قول حسن لأنه يعم.الثالثة قوله تعالى: {إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} قال ابن عباس: من حقيقة الايمان الصبر على المكاره.وقيل: إن إقامة الصلاة والامر بالمعروف والنهى عن المنكر من عزم الأمور، أي مما عزمه الله وأمر به، قاله ابن جريج. ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة. وقول ابن جريج أصوب.